نايلة تويني
خسرتُ شخصًا اعتبرته الأهم في حياتي
" النهار بدأت بجبران تويني الجدّ، استمرت و لا تزال. جريدة تتخطى انسان، تتخطي غسان و جبران تويني . النهار أهم بكثير من أي مركز سياسي فهي ارث، مدرسة و مؤسسة. " كلماتٌ سبق و قالها الشهيد جبران تويني، لكنها عادت و بُعثت حيّة في براءة، صِدق، و ارادة ابنته. هي التي خسرت والدًا شكل المحور الأساسي في حياتها، لا نزال نرى بوضوح دمعةً حزينة يحيكها الألم، التحدي، و الأمل. هي نايلة جبران تويني، تُدخلنا معبد الذكريات و الأحلام...
بالرغم من الطلاق بين والديها، لم تشعر نايلة قطّ بابتعاد والدها عنها، بل اعتبرتهُ مثالها الأعلى. " علاقتي وطيدة بجبران، و حتى اليوم لا يمكنني تفسير مدى تعلُقي به، فقد مارس دور الأبوة على أكمل وجه ". أما عند سؤالها عن شعورها عندما تزوج بسهام عسيلي، فببراءةٍ أجابت " طبعا، كأية ابنة أحسستُ بالغيرة في بادىء الأمر. لكن هذه حياته، و من حقه أن يكون سعيدا، و أنا لن أمنعه من ذلك بل سأقف بجانبه.
عندما استشهد جبران، كانت ناديا و غبريلا لا تزال صغيرتان. و أنا اليوم كما أوصاني، سأهتم بهما الى جانب سهام، فجميعنا نحتاج الى بعضنا بعضًا. سوف أعتني بعائلتي كما فَعَل، لكن ليس باستطاعتي أن أحلَ مكانه، فجبران انسان نادر و فريد.
من يقرأ مقالات جبران، يُدرك أن هذا الصحافي الذي صاح باسم الحق و الحرية، أزعج جهات عدّة، لذلك قاموا باغتياله. لكنّ الحقيقة، ستظهر مهما طال الزمان، و هؤلاء المجرمين لن يفلتوا بجريمتهم و سينالون عقابهم. أنا أؤمن في المحكمة ذات الطابع الدولي التي تقوم بمهامها بكل دقة، و أتمنى من القاضي جهاد الوادي أن يتوصل الى قتلة جبران تويني، فتُسجل عندها نقطة ايجابية في تاريخ القضاء اللبناني.
بعد استشهاد جبران، لم تعد نظرتي الى الحياة كما كانت مسبقا، فقد كثُرت مسؤولياتي، و تغيرت أمور كثيرة. الى جانب هذا كله، خسرتُ شخصًا اعتبرته الأهم في حياتي، لكني أشعر بوجوده أينما كنت، ما يمدُني بالقوة و يدفعني الى التحدي و مواجهة الصعاب لايصال رسالة والدي و اثبات أن اغتياله باءَ بالفشل، فهل يمكنهم قتل الحق و الحرية في الآن ذاته؟!
جبران سلّم ارث" النهار " الى كل محبيها و العاملين فيها، و ليس لابنته فقط. اما ارث الوطن و القضية التي استشهد لأجلها، فهي من مسؤولية الشباب أجمع، ما يحتم علينا التعاون لجعل حُلم " ديك النهار " حقيقة راسخة في ذهن كل من يؤمن بلبنان.